الجمعة، سبتمبر 21، 2012

من ساعى البريد الى ...... ؟

( كان عليك ان تخوضى التجربه لمجرد انها تجربه .. تمسكا بفكرة ... حب الاستطلاع او الفضول .. كان عليك ... ان تعطى للكلام معنى حقيقيى .. ولا تختبىء خلف وجه شقى شقاوة الاطفال الصغار .. انت لا تملكى حتى بعض الفضول .. حتى لو كان .. فأن فضولك ضعيف ... لمجرد إراقة دم الدهشه على وجهك ... كان لابد ان تكونى اكثر قوه من ذالك وتواجهى  بكل هذا العنفوان الذى تحمليه داخلك .. ولكنك ضعيفه ضعيفه ... ضعف يعطيكى قوة الاستخفاف بالاخرين ... هاكذا انتى دائما ترسمين نفسك .. ولانك غير حقيقيه انتى مجرد بنت تعبث ... بالاشياء على انها لعبه صغيره وستنكسر فى وقت ما .. انت حتى لا يساورك ندم ولا تجزعين من ضياع العابك .. لانك تعرفين ان الالعاب كلها تدور من حولك وستحصلين على لعبه جديده بلا مشاعر ... ولكن ... هذه اللعبه الان انتى اهملتيها بجوار سريرك .. واجزائها بجوار ملابسك الداخليه .. فى دولابك المرتب او الغير مرتب .. انتى لا تشعرين حتى بوجود قلب اللعبه بجوار حذاءك الخفيف تحت السرير ... يعرف انك تنامين نوم ملىء عينيك او انك حتى لا تنامى من فرط الم او جرح صغير فى جبهتك .. كان عليكى ان تجربى اللعبه اكتر او تحاولى اصلاحها او ترتيبها من جديد ... ولكن هى يا عزيزتى مجرد لعبه صماء كما تتصورين .. )
بكل هذا التهكم كتبت الخطاب لها ...

 وحين وصل ساعى البريد الذى يحمل مئات الخطابات على ظهره المحنى .. والذى تخطى الاربعين بوجه اسمر ... وعيون جاحظه من فرط الحر وشفاه لونها ازرق من التدخين .. ابتسمت هى .. وابتسم هو بدوره ... وكأن ساعى البريد يحمل لعبة جديده ... ولكن هى مجرد ورقه من التهكم .. تمنت بعد ان قراتها ان تقتل ساعى البريد .. الذى رحل فى عتمة درجات سلم بيتها ... انطلقت هى خارجه من نافذتها لتنظر ان كان خرج من مدخل العماره المعتمه ام لاء .. لما خرج ساعى البريد من باب العماره .. توقف فى قلب الشارع وانزل حقيبة الخطابات من على ظهره .. واخرج كل الخطابات البيضاء والصفراء ... والتى تحمل خطوط البريد الاحمر والازرق  ... مسكها بكل قوه ونثرها فى الهواء وهى تراقب بكل دهشه وبكل حمرة وجهها الخمرى .. وعوينات وضعتها لما قرأت خطابى ... ... تراقب ساعى البريد الذى بدأ  يخلع ملابسه قطعه قطعه ويرقص بروح راقص محترف  .. ويلوح فى الهواء مره بالخطابات ومره بملابسه حتى امتلاء الشارع بالاوراق وبات هو عاريا تماما مثل يوم ميلاده .. حتى اصبح الشارع بلون ابيض من الاظرف المغلقه .. والخطابات التى لم تصل الى اصحابها  بعد . نام هو على ظهره يحدق فى السماء... ولم يظهر من وجهه الا اسنان صفراء صفراء بلون ملابسه الحكوميه ... وهى ماذلت تراقب من شرفتها .. تملئها دهشة الشوف .. بعيون مفتوحه ..ننى اسود  بلون الزيتون ... ... وبوء بوء ابيض  بلون الخطابات ... الان ادركت ان ساعى البريد استراح وانه اخيرا وجدها وابتسمت له وسلم لها الخطاب الوحيد قبل ان يموت فى الشارع بعيون مفتوحه وجسد منهك من فرط حبه للبنت التى كانت تحب الالعاب الصغيره .. ... والتى لم تدرك يوما ان ساعى البريد ..  احبها ...  احبها .. وان كل الخطابات مع ساعى البريد كانت لها ... ولكن لم تقرئها هى ..

السبت، سبتمبر 15، 2012

ايقونه خشبية

جاء الاخرون وطلبوا من ان ابتسم فى وجه من صافحونى قبلهم ... سلمت انا وانتهيت منهم .. .. والقيت التحية عليهم وخرجت .. هناك فى ناصية الشارع الغريب انتظرت البنت لتاخذ هديتها ... ايقونه تشبه رجل ما او امراة ما .. او ربما لاتشبة احد هى ايقونه غريبه ... لها ملامح جنوبيه عتيقه وشعر اشيب ... وشارب لا يشبه احد .. شارب خاص  قادم من هناك من بعيد ... الاخرون خرجوا بعدى ووقفوا بجوارى على ناصيه نفس الشارع ربما هم ينتظرون من ياتى لايأخذ الهدايا منهم .. ربما كانت ايوقونات .. او اقلام حبر او علبة الوان .. او ربما مناديل معطرة برائحة بنت تاتى من قلب اليود .. ومن ملح الماء فى مدينه ساحليه تصيب عيون الجنوبين بالحرقه   وبالدهشه .. الدهشه هنا حقيقية .. والانتظار اصعب من لحظة موت ... الاخرون ملوامن الانتظار  ولم ياتى احد وانا لن امل واقف انتظر .. سيارة ينزل منها من انتظر لكى اعطية الايقونه ... ... ايقونه قادمه من جنوب مضحك ومن اناس مضحكين ماليئين بضجة السخف .. وتصديق كل الاشياء التى تحكى لهم .. وهم من قالوا عنهم انهم اشتروا ( العتبه الخضرا ) وانا هانا مستعد ان اصدق اننى ممكن ان  اشترى البحر واشترى كل السيارات التى تمر فى الشارع .. ولكن وتحت وطئة اضاءة اعمدة الاناره والصخب فى الشارع المزدحم تلمست الايقونه فى الكيس .. كان لها ملمس الخشب ورائحته التى احبها ... ستعجبها ايقونتى ... لكن كنت اريد ان اراها .. وارى ملامح حقيقيه لبنت انا لم اعرف منها الاصوت متعب .. وابتسامه لم تكن الا صفراء اعرف ذلك ... واعرف هذا الاستخفاف برجل خرج من داره من هناك فقل مقداره  هنا ودل على انه رجل ا سخيف لا يشبه الاجنوبى سخيف جدا جدا .. وانا انتظر وايقونتى تأن داخل الكيس .. كيف لى ان اقدم هديه داخل كيس اسود ... لا يصلح الا لصندوق القمامه هاكذا قولت لنفسى ولكن هى سوف تلتمس العذر حين تمشى معى فى الشارع وتحكى لى او لعلها تقول لى تعليق على الكيس الاسود انه سخيف بدرجة سخافتى ... .... ربما ... الاخرون يرحلون من الشارع وانا انتظر .. الباعه الجائلين يرفعون طولاتهم .. يخفت الصوت فى الشارع .. واعمدة الاناره .. تبداء فى الخفوت تدريجيا... المشهد يبدوا لى مسرحيا اكثر منه فى الواقع .. وانا انتظر بشغف طفولى ... جنوبى ... خرجت البنت من احدى الشوارع ... وقالت:  انت ؟ .. قولت انا .......  .. لم اتحقق حتى من عينيها .. مددت يدى لكى اسلم عليها فسلمت على مضد ... قالت:  اين هديتى .. اخرجت ايقونتى من الكيس .. فلمحت دهشه بلون البحر على عوينات زجاجيه ... اجمل من عينيها ... كانت دهشه طفوليه ... ادركت حينها انها لن تمشى بجانبى على طول البحر .. وانها لن تحكى لى شىء عنها .. لانى مجرد رجل جاء ليسلم لها الايقونه وانا لم اكن الا مجرد صوت بل ادركت اننى انا الايقونه ولكنها .. لم تأخذنى الى بيتها ولن تضعنى من ضمن اشيائها .. ولن تضعنى فى حقيبتها ... ولن تعبث بى .. ولن تنظر لى حتى بالاهتمام الطفولى .. ولا شىء ... انا مجرد ايقونه .. ممكن ان تلقى بها من شباك السياره الاجره التى ركبتها ... او ممكن ان تضعنى فى اول صندوق قمامه على ناصية شارعها ... المظلم .. فى هذه اللحظه بعد انا قالت اشكرك سلام .. عرفت انى .. مجرد رجل سخيف فى شكل ايقونه جنوبيه...